responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 29  صفحه : 293
شَيْءٍ نُكُرٍ وَعَنِ الثَّانِي الْمُرَادُ: (مِنْ شَيْءٍ نكر) الحساب العسر يعني يوم يدع الداع إِلَى الْحِسَابِ الْعَسِرِ خُشَّعًا وَلَا يَكُونُ الْعَامِلُ في: يَوْمَ يَدْعُ يَخْرُجُونَ بَلِ اذْكُرُوا، أَوْ: فَما تُغْنِ النُّذُرُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ [الْمُدَّثِّرِ: 48] وَيَكُونُ يَخْرُجُونَ ابْتِدَاءَ كَلَامٍ، وَعَنِ الثَّالِثِ أنه لا منافاة بين القراءتين، وخاشعا نُصِبَ عَلَى الْحَالِ أَوْ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولُ يدعو/ كأنه يقول: يدعو الداعي قوما خاشعة أَبْصَارُهُمْ وَالْخُشُوعُ السُّكُونُ قَالَ تَعَالَى: وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ [طه: 108] وَخُشُوعُ الْأَبْصَارِ سُكُونُهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ لَا تَنْفَلِتُ يَمْنَةً وَلَا يَسْرَةً كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ [إِبْرَاهِيمَ: 43] وَقَوْلُهُ تَعَالَى: يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ مَثَّلَهُمْ بِالْجَرَادِ الْمُنْتَشِرِ فِي الْكَثْرَةِ وَالتَّمَوُّجِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: الْمُنْتَشِرُ مُطَاوِعُ نَشَرَهُ إِذَا أَحْيَاهُ فَكَأَنَّهُمْ جَرَادٌ يَتَحَرَّكُ مِنَ الْأَرْضِ وَيَدِبُّ إِشَارَةً إِلَى كَيْفِيَّةِ خُرُوجِهِمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ وَضَعْفِهِمْ.

[سورة القمر (54) : آية 8]
مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكافِرُونَ هذا يَوْمٌ عَسِرٌ (8)
ثم قال تعالى: مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ أَيْ مُسْرِعِينَ إِلَيْهِ انْقِيَادًا يَقُولُ الْكافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْعَامِلُ النَّاصِبُ ليوم في قوله تعالى: يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ [القمر: 6] أَيْ يَوْمَ يَدْعُو الدَّاعِي: يَقُولُ الْكافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ، وَفِيهِ فَائِدَتَانِ إِحْدَاهُمَا: تَنْبِيهُ الْمُؤْمِنِ أَنَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ عَلَى الْكَافِرِ عَسِيرٌ فَحَسْبُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ [الْمُدَّثِّرِ: 9، 10] يَعْنِي لَهُ عُسْرٌ لَا يُسْرَ مَعَهُ ثَانِيَتُهُمَا:
هِيَ أَنَّ الْأَمْرَيْنِ مُتَّفِقَانِ مُشْتَرِكَانِ بَيْنَ الْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ، فَإِنَّ الْخُرُوجَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ وَالِانْقِطَاعُ إِلَى الدَّاعِي يَكُونُ لِلْمُؤْمِنِ فَإِنَّهُ يَخَافُ وَلَا يَأْمَنُ الْعَذَابَ إِلَّا بِإِيمَانِ اللَّهِ تَعَالَى إِيَّاهُ فَيُؤْتِيهِ اللَّهُ الثَّوَابَ فَيَبْقَى الْكَافِرُ فَيَقُولُ: هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ. ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى أَعَادَ بَعْضَ الْأَنْبَاءِ فقال:

[سورة القمر (54) : آية 9]
كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنا وَقالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ (9)
فِيهَا تَهْوِينٌ وَتَسْلِيَةٌ لِقَلْبِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ حَالَهُ كَحَالِ مَنْ تَقَدَّمَهُ وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: إِلْحَاقُ ضَمِيرِ الْمُؤَنَّثِ بِالْفِعْلِ قَبْلَ ذِكْرِ الْفَاعِلِ جَائِزٌ بِالِاتِّفَاقِ وَحَسَنٌ، وَإِلْحَاقُ ضَمِيرِ الْجَمْعِ بِهِ قَبِيحٌ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ، فَلَا يُجَوِّزُونَ كَذَّبُوا قَوْمَ نُوحٍ، وَيُجَوِّزُونَ كَذَّبَتْ فَمَا الْفَرْقُ؟ نَقُولُ: التَّأْنِيثُ قَبْلَ الْجَمْعِ لِأَنَّ الْأُنُوثَةَ وَالذُّكُورَةَ لِلْفَاعِلِ أَمْرٌ لَا يتبدل ولا تَحْصُلِ الْأُنُوثَةُ لِلْفَاعِلِ بِسَبَبِ فِعْلِهَا الَّذِي هُوَ فَاعِلُهُ فَلَيْسَ إِذَا قُلْنَا: ضَرَبَتْ هَذِهِ كَانَتْ هَذِهِ أُنْثَى لِأَجْلِ الضَّرْبِ بِخِلَافِ الْجَمْعِ، لِأَنَّ الْجَمْعَ لِلْفَاعِلِينَ بِسَبَبِ فِعْلِهِمُ الَّذِي هُمْ فَاعِلُوهُ، فَإِنَّا إِذَا قُلْنَا: جَمْعٌ ضَرَبُوا وَهُمْ ضَارِبُونَ لَيْسَ مُجَرَّدُ اجْتِمَاعِهِمْ فِي الْوُجُودِ يُصَحِّحُ قَوْلَنَا: ضَرَبُوا وَهُمْ ضَارِبُونَ، لِأَنَّهُمْ إِنِ اجْتَمَعُوا فِي مَكَانٍ فَهُمْ جَمْعٌ، وَلَكِنْ إِنْ لَمْ يَضْرِبِ الْكُلُّ لَا يَصِحُّ قَوْلُنَا: ضَرَبُوا، فَضَمِيرُ الْجَمْعِ مِنَ الْفِعْلِ فَاعِلُونَ جَمَعَهُمْ بِسَبَبِ الِاجْتِمَاعِ فِي الْفِعْلِ وَالْفَاعِلِيَّةِ، وَلَيْسَ بِسَبَبِ الْفِعْلِ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُقَالَ:
ضَرَبُوا جَمْعٌ، لِأَنَّ الْجَمْعَ لَمْ يُفْهَمْ إِلَّا بِسَبَبِ أَنَّهُمْ ضَرَبُوا جَمِيعُهُمْ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ أَوَّلًا اجْتِمَاعُهُمْ فِي الْفِعْلِ، فَيَقُولُ: الضَّارِبُونَ ضَرَبُوا، وَأَمَّا ضَرَبَتْ هِنْدٌ فَصَحِيحٌ، لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: التَّأْنِيثُ لَمْ يُفْهَمْ إِلَّا بِسَبَبِ أَنَّهَا ضَرَبَتْ، بَلْ هِيَ كَانَتْ أُنْثَى فَوُجِدَ مِنْهَا ضَرْبٌ فَصَارَتْ ضَارِبَةً، وَلَيْسَ الْجَمْعُ كَانُوا جَمْعًا فَضَرَبُوا/ فَصَارُوا ضَارِبِينَ، بَلْ صَارُوا ضَارِبِينَ لِاجْتِمَاعِهِمْ فِي الْفِعْلِ وَلِهَذَا وَرَدَ الْجَمْعُ عَلَى اللَّفْظِ بَعْدَ وُرُودِ التَّأْنِيثِ عَلَيْهِ فقيل:

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 29  صفحه : 293
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست